قلت: الصفون لا يكاد يكون في الهجن، وإنما هو في العراب الخلص. وقيل: وصفها بالصفون والجودة؛ ليجمع لها بين الوصفين المحمودين: واقفة وجارية، يعني: إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنةً في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعًا خفافًا في جريها. وروي: أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين، فأصاب ألف فرس. وقيل: ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة. وقيل: خرجت من البحر لها أجنحة، فقعد يومًا بعدما صلى الأولى على كرسيه واستعرضها، فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر، أو عن ورد من الذكر كان له وقت العشي، وتهيبوه فلم يعلموه، فاغتم لما فاته، فاستردها وعقرها مقر بالله، وبقي مئة، فما في أيدي الناس من الجياد فمن نسلها. وقيل: لما عقرها أبدله الله خيرًا منها؛ وهي الريح تجري بأمره.
فإن قلت: ما معنى: {أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي}؟ قلت: {أَحْبَبْتُ}: مضمن معنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث، من رواية أبي داود عن أبي مجلز، قال: خرج معاوية على ابن عامر وعلى ابن الزبير، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحب أن يمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار".
وعند الترمذي، قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه، فقال: اجلسا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سره أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار".
قوله: (في الهجن)، الجوهري: الهجنة في الناس من قبل الأم، فإذا كان الأب عتيقًا والأم ليست كذلك، كان الولد هجينًا.
قوله: (والجودة)، في"المطلع": الجياد: جمع جواد، وهو: الشديد الحضر من الخيل، ومصدره: الجودة- بالضم-، وفي العمل: الجودة- بالفتح-، ويقال: جاد الفرس يجود جودة، وجاد الرجل جوادًا. والجودة: مصدر الجيد من كل شيء.