وقيل: هي التين، وقيل: شجرة الموز، تغطي بورقها. واستظل بأغصانها، وأفطر على ثمارها. وقيل: كان يستظل بالشجرة، وكانت وعلة تختلف إليه، فيشرب من لبنها. وروى: أنه مر زمان على الشجرة فيبست، فبكى جزعا، فأوحي إليه: بكيت على شجرة ولا تبكي على مئة ألف على يد الكافر؟ ! فإن قلت: ما معنى: {أَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً}؟ قلت: أنبتناها فوقه مظلة له، كما يطنب البيت على الإنسان {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ}: المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه، وهم أهل نينوى. وقيل: هو إرسال ثان بعد ما جرى عليه من الأولين أو إلى غيرهم. وقيل: أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى؛ لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيما فيهم، وقال لهم: إن الله باعث إليكم نبيا {أَوْ يَزِيدُونَ} في مرأى الناظر؛ أي: إذا رآها الرائي قال: هي مئة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدباء، قال أنس: فجعلت أتتبعه وأصفه بين يديه، قال: وما زلت بعد أحب الدباء".

وفي رواية الترمذي عن أنس: "أنه كان يأكل قرعًا وهو يقول: يا لك من شجرة! ما أحبك إلي لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك".

قوله: (ما معنى: {أَنْبَتْنَا عَلَيْهِ}؟ ) يعني: {وَأَنْبَتْنَا} تعدى بـ"على" فأجاب: أن {عَلَيْهِ} ليس بصلة بل هو حال، أي انبتنا الشجرة مستعلية عليه، نحوه: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ} [يوسف: 18].

قوله: (وقيل: هو إرسال ثان) وعلى الأول: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ} عطف على قوله: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} على سبيل البيان؛ لأنه دل على ابتداء الحال وعلى انتهائها وعلى ما هو المقصود بالإرسال من الإيمان، واعترض ما بينهما قصة اعتناء بشأنها لاحتوائها على أمر عجيب، وكذلك يقدر: اذكر إذ أبق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015