إذا كان فيها آبق لم تجر، فاقترعوا، فخرجت القرعة على يونس، فقال: أنا الآبق، وزج بنفسه في الماء، {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}: داخل في الملامة. يقال: رب لائم مليم، أي: يلوم غيره وهو أحق منه باللوم. وقرئ: (مليم) بفتح الميم، من: ليم فهو مليم، كما جاء: مشيب في مشوب، مبنيًا على شيب. ونحوه: مدعي، بناء على دعي. {مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}: من الذاكرين الله كثيرًا بالتسبيح والتقديس. وقيل: هو قوله في بطن الحوت {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، وقيل: من المصلين. وعن ابن عباس: كل تسبيح في القرآن فهو صلاة. وعن قتادة: كان كثير الصلاة في الرخاء. قال: وكان يقال: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر، وإذا صرع وجد متكئًا. وهذا ترغيب من الله عز وجل في إكثار المؤمن من ذكره بما هو أهله، وإقباله على عبادته، وجمع همه لتقييد نعمته بالشكر في وقت المهلة والفسحة؛ لينفعه ذلك عنده تعالى في المضايق والشدائد. {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ} الظاهر: للبث فيه حيًا إلى يوم البعث.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وزج بنفسه)، الجوهري: زجه: دفعه في وهدة.

قوله: ({وَهُوَ مُلِيمٌ}: داخل في الملامة)، قال الزجاج: يقال: قد ألام الرجلل فهم مليم إذا أتى ما يجب أن يلام عليه، وقد ليم إذا أتى بلوم ولا موه عليه. وأنشد غيره.

إن نفسي على هواها ألامت .... كل نفس على هواها مليمه

قوله: (وهذا ترغيب من الله في إكثار المؤمن)، الترغيب مستفاد من الوصف بالتسبيح دون النبوة والرسالة، والإكثار من جعله من زمرتهم ومن جملة مت يواظب على التسبيح، نحو "فلان من العلماء" أي: له مساهمة معهم في العلم، وهذا الوصف كاللقب المشهور له ولا يشتهر به إلا بكثرة الممارسة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015