{هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}: هب لي بعض الصالحين، يريد الولد؛ لأن لفظ الهبة غلب في الولد وإن كان قد جاء في الأخ في قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم: 53] قال عز وجل: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [الأنعام: 84] {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: 90].
وقال علي بن أبي طالب لابن عباس رضي الله عنهما حين هنأه بولده علي أبي الأملاك: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب. ولذلك وقعت التسمية بهبة الله، وبموهوب، ووهب، وموهب.
وقد انطوت البشارة على ثلاث: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ أو أن الحلم، وأنه يكون حليمًا، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح، فقال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102]، ثم استسلم لذلك؟ ! وقيل ما نعت الله الأنبياء عليهم السلام، بأقل مما نعتهم بالحلم، وذلك لعزة وجوده، ولقد نعت الله به إبراهيم في قوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114]، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75]؛ لأن الحادثة شهدت بحلمهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هنأه بولده علي أبي الأملاك) يعني: أبي الخلفاء، وفي "جامع الأصول": هو أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهم، أحد سادات بني هاشم، كان كثير العبادة، يقال: إنه ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسمي باسمه، ومات بالشام سنة ثماني عشرة ومئة، وقيل: سنة عشر ومئة.
وفي قوله: "أبي الأملاك" تعريض بهم وأنهم لم يكونوا خلفاء.