(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ)] النساء: 152 [يريد بين جماعةٍ واحدة منهم، تسوية بين جميعهم في أنهم على الحق المبين. (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ): إن أردتن التقوى، وإن كنتن متقيات. (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ): فلا تجبن بقولكن خاضعًا، أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظاهر، وأمّا قولُه: ((يلزَمُ تفضيلُ الجماعةِ على الجماعة ولا يلزم ذلك في عكسِه)) فجوابه: أنَّ تفضيل كلِّ واحدٍ واحدٍ منهنَّ يعُلَمُ من دليلٍ آخرَ، إما عقليٌّ أو نَصّ، مثل: ((ونساؤه أمهاتكم)) وغيره.
الراغب: أحدٌ تُستعملُ على ضربَيْن: أحدُهما: في النفي فقط، وهو لاستغراق جنسِ الناطقين ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: واحد ولا اثنان فصاعدًا لا مجتمعَيْن ولا مُفترقَيْن، وهذا المعنى لم يصلُح استعمالُه في الإثبات، لأنَّ نفْيَ المُتضادّين يصحُّ ولا يصحُّ إثباتهما، فلو قيل: في الدارِ أحدٌ لكان فيها إثباتٌ واحدٍ منفردٍ مع إثباتِ ما فوق الواحدِ مُجتمعِين ومُتفرِّقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناولِه ما فوقَ الواحدِ يصحُّ أن يقال: ما من أحد فاضلين كقوله تعالى: {فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47].
وثانيهما: في الإثبات، وهو على ثلاثةِ أوجه: أحدُها: في الواحدِ المضموم إلى العَشرات نحو أحد عشر. وثانيها: أن يُستعملَ مُضافًا أو مُضافًا إليه، كقوله تعالى {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف: 41] وقولهم: يوم الأحد، أي الأول. وثالثها: أن يستعمل مطلقًا وصفًا وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، وأصله: وَحَد، لكن وَحَد يُسْتعملُ في غيره. قال النابغة:
كأنَّ رحلي وقد زال النهارُ بِنا ... بذي الجليل على مستأنسِ وَحِد
قولُه: ({إنِ اتَّقَيْتُنَّ} إن أرَدتُنَّ التقوى)، قال صاحب ((الفرائد)): حَمَلَ الاتقاَءَ على