[(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)] 21 [

كان عليكم أن تواسوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنفسكم فتوازروه وتثبتوا معه، كما آساكم بنفسه في الصبر على الجهاد والثبات في مرحى الحرب، حتى كسرت رباعيته يوم أحد وشجّ وجهه. فإن قلت: فما حقيقة قوله: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وقرئ: (أسوة) بالضم؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أنه في نفسه أسوة حسنة، أى: قدوة، وهو الموتسى به، أى: المقتدى به، كما تقول: في البيضة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (فتُؤازِروه)، النهاية: يقال: آزَرَه وأَزَّره: إذا أعانَه وأسْعَده، من الأَزْرِ: القُوَّةِ والشِّدة.

قولُه: (وفي مَرْحى الحرْب)، النهاية: قال سُليمان بن صُرَد: ((أتيتُ عَلِيًّا حين فرغَ مِنْ مَرْحى الحرب)). المرحى: الذي دارَتْ عليهِ رحى الحرب، يقال: رحَيْتُ الحرْبَ ورَحْوُتها إذا أدَرْتَها.

قوله: (وقُرئ: {أُسْوَةٌ} بالضمِّ) عاصمٌ، والباقونَ: بالكَسْر.

المُغْرِب: يُقالُ: آسَيْتُه بما لي؛ أي: جَعلْتُه أُسْوةً أقتدي به ويَقْتدي هُو بي، وواسَيْتُ: لغةٌ ضعيفة، وإليه الإشارةُ بقولِه: ((كانَ عليكمُ أن تُواسوا الله بأنفُسِكم كما آساكُم بنَفْسِه في الصبرِ على الجهاد)).

قولُه: (أنّه في نفسِه أُسْوَةٌ حَسَنة)، أي: أنّه من بابِ التجريدِ، جُرِّدَ مِنْ نَفسِه الزكيةِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ قُدوةً، وهي هو. وأنشد أبو عليّ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015