ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقد روينا عن البخاريِّ ومسلمٍ والتَّرمذيِّ، عن مَسْروقٍ، عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّها قالت له: من حدَّثك أنَّه يعلم ما في غد فقد كَذَبَ، ثم قرأت: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا}
قوله: {عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} أيَّانُ مُرساها {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} في إبّانه) مُؤذِنٌ بأن ((يُنزِّل)) عطفٌ على الظَّرفِ مع فاعله.
قال أبو البقاء: هذا يدل على قوّة شبهِ الظَّرفِ بالفعلِ؛ لأنه عَطَفَ ((يُنزِّل)) على ((عنده)).
قال صاحب ((الكشف)): جاء بالظرف وما ارتفع به، ثم قال: {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}، فعَطَفَ الجملةَ على الجملةِ، ومثلُه: {سْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} [المؤمنون: 21]، فصدَّر بالفعل والفاعل، ثم عَطَفَ بالظَّرفِ وما ارتفع به.
قال الحماسي:
نُقاسمهم أسيافَنا شَرَّ قِسْمةٍ ... ففينا غَواشيها وفيهم صدورها
فصدَّر بالفعل والفاعل، ثم أتى بالظَّرفِ وما ارتَفَع به.
ويجوز أن يكون التَّقديرُ: وأنْ يُنزِّلَ الغيثَ؛ أي: عندهُ عِلمُ السَّاعةِ وإنزالُ الغيثِ، فحَذَفَ ((أَنْ)) كقوله: أَحْضُرُ الوغى. تَمَّ كلامُه. وكذلك قولُه: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} عَطْفٌ عليه. وأمَّا قولُه: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فمعطوفان على الجَرِّ مِنْ حيث المعنى بأنْ يَجعلَ المنفيَّ مثبَتًا، وأنْ يُقالَ: يَعلَمُ ماذا تكسب كُلُّ نفسٍ