إلى آخر السنة، والقمر إلى آخر الشهر. وعن الحسن: الأجل المسمى: يوم القيامة؛ لأنه لا ينقطع جريهما إلا حينئٍذ. دلّ أيضًا بالليل والنهار وتعاقبهما وزيادتهما ونقصانهما وجرى النيرين في فلكيهما -كل ذلك على تقديٍر وحساب- وبإحاطته بجميع أعمال الخلق: على عظم قدرته وحكمته. فإن قلت: يجرى لأجٍل مسمى، ويجرى إلى أجٍل مسمى: أهو من تعاقب الحرفين؟ قلت: كلا، ولا يسلك هذه الطريقة إلا بليد الطبع ضيق العطن، ولكن المعنيين -أعنى الانتهاء والاختصاص- كل واحٍد منهما ملائٌم لصحة الغرض؛ لأنّ قولك: يجرى إلى أجل مسمى معناه: يبلغه وينتهي إليه. وقولك: يجرى لأجٍل مسمًّى: تريد يجرى لإدراك أجٍل مسمًّى، تجعل الجري مختصًّا بإدراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أهو مِن تعاقبِ الحَرفَين) يعني: جاء في ((فاطر)): {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى} [فاطر: 13]، و ((إلى)) هاهنا، و ((اللام)) هناك أهما مما يَتعاقبُ كلُّ واحدةٍ منهما مكانَ صاحبَتها مِنْ غيرِ تفرقةٍ؟ أو بينَهما تفاوتٌ؟

وأجاب: أن بينهما بَونًا بعيدًا من حيث الوضع؛ لأنّ أحدَهما للانتهاء والآخَرُ للاختصاص، وكلُّ واحدٍ منهما ملائمٌ لصحَّة الغَرضِ في موضعهِ الخاصّ.

ويمكن ان يقال: إنَّ الغرضَ منهما الغايةُ، وهو حاصلٌ بهما؛ لأنّ الغاياتِ يَجمعُها معنى انتهاءِ الغايةِ والعِلَّة؛ لأنَّ {يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى} معناه: يجري إلى ما ينتهي إليه أجلُه، ويبلغ ما ضَربَ له من الحدِّ، و {يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى} [فاطر: 13] معناه: يجري لإدراك أجلٍ معيَّن سُمّي له.

ولذلك فسَّر القاضي {إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} بقوله: إلى منتهى الشَّمسِ إلى آخِرِ السَّنةِ والقمر إلى آخِر الشَّهر. كما فَسَّر المصنِّفُ {لِأَجَلٍ مُّسَمًّى} [فاطر: 13] بهذا المعنى؛ لأنَّ مآلَ المعنَيَين إلى واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015