إلى إيناسه، حراصاً على اقتباسه، فهز ما رأيت من عطفي، وحرك الساكن من نشاطي، فلما حططت الرحل بمكة، إذا أنا بالشعبة السنية، من الدوحة الحسنية، الأمير الشريف الإمام شرف آل رسول الله أبي الحسن علي بن حمزة بن وهاس- أدام الله مجده، وهو النكتة والشامة في بني الحسن، مع كثرة محاسنهم، وجموم مناقبهم- أعطش الناس كبداً، وألهبهم حشى، وأوفاهم رغبة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إلى إيناسه)، الإيناس: الإبصار. يقال: نست منه رشداً، أي: أبصرته، وهو أيضاً خلاف الإيحاش.

قوله: (فهز)، الفاء جيء للسببية، و"ما" فاعل هز، والعائد محذوف، و"من" للتبعيض. قال المصنف في قوله تعالى: (وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [البقرة: 265]: من للتبعيض، مثلها في قولهم: هز من عطفي، أي: حصل في بعض الارتياح؛ لأن هز العطف- وهو الجانب- كناية عن تحصيل السرور، أو عن التنبه عن الغفلة.

قوله: (إذا أنا بالشعبة)، العامل في "إذا" فاجأت، و"الدوحة": الشجرة العظيمة ذات أغصان وشعب.

"الأمير" بدل من: "الشعبة" أو عطف بيان، وهذا البيان يخرج الكلام عن الاستعارة إلى التشبيه، كقوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) [البقرة: 187].

(الشامة): الخال. فلان نكتة في قومه وشامة، أي: علم ومشار إليه.

قوله: (أعطش الناس)، حال من "الشعبة" على رأي من يجعل "أفعل كذا" نكرة؛ لأن الإضافة غير محضة، بدليل قولهم: مررت برجل أفضل الناس، أي: أفضل من الناس، على إثبات "من" كأنه قيل: من باقي الناس. ويؤيده مجيء "من" صريحاً فيما عطف عليه في قوله تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) [البقرة: 96]، والمسألة مذكورة في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015