أو مِن: أجرتُه كذا؛ إذا أثَبْتَه إيّاه. ومنه: تعزيةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: (آجرَكُم الله ورَحِمكَم).

و{ثَمَانِيَ حِجَجٍ}: مفعولٌ به، ومعناه: رِعْيةُ ثماني حِجَجٍ، فإن قلتَ: كيف صحَّ أن يُنكِحَه إحدى ابنَتَيهِ من غيرِ تمييز؟ قلتُ: لم يكن ذاك عقدًا للنّكاح، ولكنْ مُواعدةً ومواصفةَ أمرٍ قد عَزَمَ عليه، ولو كانَ عقدًا لقالَ: قد أنكَحْتُك ولم يقل: {إِنِّي أَرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ}. فإن قلتَ: فكيف صحَّ أن يُمْهِرَها إجارةَ نفسِه في رِعيةِ الغَنَم، ولابُدَّ من تسليم ما هو مالٌ؟ ألا ترى إلى أبي حنيفةَ كيف منعَ أن يتزوّجَ امرأةً بأن يخَدِمَها سنةً، وجوَّز أن يتزَوَّجَها بأن يُخدِمَها عبدَه سنةً، أو يُسكِنَها دارَه سنةً، لأنّه في الأوّل: مُسَلِّمٌ نفسَهُ وليسَ بمال، وفي الثّاني: هو مُسَلِّمٌ مالاً وهو العبدُ أو الدّار، قلتُ: الأمرُ على مذهبِ أبي حنيفةَ على ما ذكرت. وأمّا الشّافعيُّ: فقد جوّزَ التَّزوُّجَ على الإجارةِ لبعضِ الأعمالِ والخدمة، إذا كان المُستَأجَرُ له أو المخدومُ فيه أمرًا معلومًا، ولعلَّ ذلك كان جائزًا في تلكَ الشَّرِيعة. ويجوزُ أن يكونَ المَهْرُ شيئًا آخر، ...... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (أو مِنْ: أَجَرْتُهُ كذا؛ إذا أَثَبْتَهُ إياه)، الأساس: يجعلُها أَجرًا على التزويج؛ يريدُ المهرَ مِنْ قولِه تعالى: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 25]، كأنهُ قال: على أنْ تُمهِرَني عملَ هذه المُدّة. وأصلُه: أَجَرَكَ الله على ما فَعَلْت، وأنتَ مأجور.

قولُه: (ومواصفةَ أمرٍ)، ((الأساس)): واصَفْتُهُ الشيءَ مُواصَفة، ونِهُيَ عنْ بيعِ المُواصَفةِ وهوَ أنْ يَبِيعَ الشيءَ بصفتِهِ وليسَ عندَه، ثُمّ يبتاعَهُ ويدفَعَه.

قولُه: (أنْ يُمهِرَها)، وفي بعضِ النسخ: ((يَمْهُرَها)) بفتحِ الياء. يُقال: أَمْهَرَ المرأة: سَمّي لها مهرًا، ومَهَرَها: أعطاها مهرَها. وخُطّْئَ الحريريُّ في قولِه: وماهرًا لها كما مهرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمُّ سلمة؛ لأنّ حالةَ الخِطبةِ حالةُ التسمية، لا حالةُ إعطاءِ المهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015