ومن فزع شديد مفرط الشدّة لا يكتنهه الوصف: وهو خوف النار. "أَمِنَ": يعدى بالجار وبنفسه، كقوله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ) [الأعراف: 99]. وقيل: السيئة: الإشراك. يعبر عن الجملة بالوجه والرأس والرقبة، فكأنه قيل: فكبوا في النار، كقوله تعالى: (فَكُبْكِبُوا فِيها) [الشعراء: 94] ويجوز أن يكون ذكر الوجوه إيذانا بأنهم يكبون على وجوههم فيها منكوسين. (هَلْ تُجْزَوْنَ) يجوز فيه الالتفات وحكاية ما يقال لهم عند الكب بإضمار القول.
[(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ* وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ* وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)].
أمر رسوله بأن يقول: (أُمِرْتُ) أن أخص الله وحده بالعبادة، ولا أتخذ له شريكا كما فعلت قريش، وأن أكون من الحنفاء الثابتين على ملة الإسلام. (وَأَنْ أَتْلُوَا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومن فزعٍ شديدٍ مفرط الشدة)، هو المعنى الثاني في الجواب، والتنكير على الأول للوحدة شخصًا، وعلى هذا التهويل والتعظيم.
وقوله: "وأما ما يلحق الإنسان" إلى آخره، فمعناه: لابد من حمل التنكير على هذا النوع من الخوف، لأن سائر الأهوال والأفزاع البشر لا يخلون منه، أي: وهم من فزع العقاب، أو من خوف النار آمنون، لا مما يلحق الإنسان من التهيب، فقوله: "أما ما يلحق" إلى آخره، اعتراضٌ من الوجهين، وهو متعلقٌ بهما، أو استغني به عن تكريره، بعد الوجه الآخر، لأنه بين قوله: "من فزع شديد" بقوله: "وهو خوف النار" ومآل قراءة الإضافة أيضًا إلى هذين الوجهين، لأن الفزع الذي يختص بذلك اليوم هو العقاب، والنار وسائر الأفزاع مشترك.
قوله: ({أُمِرْتُ} أن أخص الله وحده)، اقتبس معنى التخصيص من لفظة: "إنما".