(وما إن تهدي العمي)، وهداه عن الضلال. كقولك: سقاه عن العيمة؛ أي: أبعده عنها بالسقي، وأبعده عن الضلال بالهدى.
(إِنْ تُسْمِعُ) أي ما يجدي إسماعك إلا على الذين علم الله أنهم يؤمنون بآياته، أي: يصدقون بها؛ (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) أي: مخلصون من قوله تعالى: (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) [البقرة: 112] يعني: جعله سالما لله خالصا له.
[(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ)].
سمي معنى القول ومؤداه بالقول، وهو ما وعدوا من قيام الساعة والعذاب، ووقوعه:
حصوله. والمراد: مشارفة الساعة وظهور أشراطها وحين لا تنفع التوبة. ودابة الأرض: الجساسة. جاء في الحديث: أنّ طولها ستون ذراعا، لا يدركها طالب،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وما إن تهدي العمي)، "إن" مقحمةٌ كقول امرئ القيس:
حلفت لها بالله حلفة فاجرٍ ... لناموا فما إن من حديثٍ ولا صالي
قوله: (عن العيمة)، وهي شدة شهوة اللبن، عام عيمةً فهو عيمانٌ، والمرأة عيمى، وعلى هذا: رميت عن القوس، لأنه يبعد السهم عنها بالرمي.
قوله: (الجساسة)، النهاية: في حديث تميمٍ الداري: "أنا الجساسة"، والجساسة: الدابة التي رآها في جزيرة البحر، سيمت بذلك، لأنها تجس الأخبار للدجال، يقال: جسه واجتسه، مثل: جثه، أي: مسه، والمجسة: الموضع الذي يجسه الطبيب، وفي المثل: أفواها مجاسها، أي: الإبل، إذا أحسنت الأكل اكتفى الناظر بذلك في معرفة سمنها من أن يجسها.