مسعود رضي الله عنه: (قاضية) أي: لا أبت أمرا إلا بمحضركم. وقيل: كان أهل مشورتها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا: كل واحد على عشرة آلاف.
(قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَاسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ماذا تَامُرِينَ) [النمل: 33].
أرادوا بالقوة: قوّة الأجساد وقوّة الآلات والعدد. وبالبأس: النجدة والبلاء في الحرب (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) أي: هو موكول إليك، ونحن مطيعون لك، فمرينا بأمرك نطعك ولا نخالفك. كأنهم أشاروا عليها بالقتال. أو أرادوا: نحن من أبناء الحرب لا من أبناء الرأى والمشورة، وأنت ذات الرأى والتدبير، فانظرى ماذا ترين: نتبع رأيك.
[(قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ* وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ* فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)].
لما أحست منهم الميل إلى المحاربة، رأت من الرأي الميل إلى الصلح والابتداء بما هو أحسن، ورتبت الجواب، فزيفت أولا ما ذكروه وأرتهم الخطأ فيه؛ بـ (إِنَّ الْمُلُوكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن السكيت: تمالؤوا على الأمر: اجتمعوا عليه وتعاونوا.
قوله: (قوة الأجساد وقوة الآلات)، الراغب: القوة تستعمل تارةً في معنى القدرة، قال تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63]، وتارةً للتهيؤ الموجود في الشيء، نحو أن يقال: النوى بالقوة نخلٌ، ويستعمل في البدن نحو: {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: 15]، وفي القلب نحو: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: 12]، وفي المعاون من خارجٍ نحو: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]، وفي القدرة الإلهية نحو: {ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]