ولا أنكى لقلوب المتأمّلين ولا أصدع لأكباد المتدبرين، وذلك قوله: (وَسَيَعْلَمُ) وما فيه من الوعيد البليغ، وقوله: (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وإطلاقه. وقوله: (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) وإبهامه، وقد تلاها أبو بكر لعمر رضي الله عنهما حين عهد إليه، وكان السلف الصالح يتواعظون بها ويتناذرون شدّتها.

وتفسير الظلم بالكفر تعليل، ولأن تخاف فتبلغ الأمن خير من أن تأمن فتبلغ الخوف. وقرأ ابن عباس: (أي منفلت ينفلتون) ومعناها: إن الذين ظلموا يطمعون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولا أنكى)، النهاية: يقال: نكيت في العدو أنكى نكايةً، إذا أكثرت فيه الجراح والقتل، فوهنوا لذلك، وقد يهمز، يقال: نكأت القرحة أنكأها: إذا قشرتها.

قوله: (وقد تلاها أبو بكر لعمر حين عهد إليه)، روي أنه لما أيس أبو بكرٍ من حياته استكتب عثمان رضي الله عنه كتاب العهد: هذا ما عهد ابن أبي قحافة إلى المؤمنين في الحال التي يؤمن فيه الكافر، ثم قال بعدما غشي عليه وأفاق: إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب، فإن عدل فذلك ظني فيه، وإن لم يعدل فسيعلم الذين ظلموا.

قوله: (ويتناذرون)، بالذال المعجمة. الأساس: هو نذيرة القوم: طليعتهم الذي ينذرهم العدو، وتناذروا: خوف بعضهم بعضاً، قال النابعة:

تناذرها الراقون من سوء سمها

قوله: (وتفسير الظلم بالكفر تعليلٌ)، يعني: أن الذي فسر قوله تعالى: {الَّذِينَ ظَلَمُوا} بالذين كفروا يتعلل بـ "عسى"، ولعله يريد أهل السنة لأنه يسميهم المرجئة، كما أنهم يسمونهم بالوعيدية، ويقال: وعلله بالشيء، أي: لهاه به، كما يعلل الصبي بشيءٍ من الطعام يتجزأ به من اللبن، يقال: فلانٌ يعلل نفسه بتعلة، وتعلل به، أي: تلهى وتجزأ، يريد: أن تفسير الظلم بالكفر ليس بجيد، لأدائه إلى سهولة أمر الظالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015