بلسان غير لسانهم لا يفقهون كلامه، قالوا له: أعجم وأعجمي، شبهوه بمن لا يفصح ولا يبين، وقالوا لكل ذي صوت من البهائم والطيور وغيرها: أعجم، قال حميد:

ولا عربيّا شاقه صوت أعجما

(سَلَكْناهُ): أدخلناه ومكناه. والمعنى: إنا أنزلنا هذا القرآن على رجل عربيٍّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالواو والنون دليلاً عليها، وأمارةً لإرادتها كما جعلت صحة الواو في عواور أمارةً لإرادة الياء في عواوير.

قوله: (ولا عربياً شاقه صوت أعجما)، قبله:

وما هاج هذا الشوق إلا حمامةٌ ... دعت ساق حرٍّ ترحةً وترنما

تغنت على غصنٍ عشاءً فلم تدع ... لنائحةٍ في نوحها متندما

عجبت لها أنى يكون غناؤها ... فصيحاً ولم تفغر بمنطقها فما

ولم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربياً شاقه صوت أعجما

يصف صوت قمري: ساق حر: ذكر القماري. متندماً: لائماً. فغرفاه: أي فتحه، ويقال لكل صوتٍ من البهائم والطيور: أعجم.

قوله: (والمعنى: إنا أنزلنا هذا القرن)، بيانٌ لنظم قوله: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ} بالمعاني السابقة، فقوله: "إنا أنزلنا هذا القرآن على رجلٍ عربي بلسان عربيٍّ مبين" إشارةٌ إلى قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ}. وقوله: "وإنه معجزٌ لا يعارض بكلام مثله" إشارةٌ إلى قوله: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}. وقوله: "وانضم إلى ذلك اتفاق علماء أهل الكتب المنزلة قبله" إشارةٌ إلى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}. وقوله: "ولو نزلناه على بعض الأعاجم" إلى آخره، إشارةٌ إلى الآية الأخيرة، هذا، وإن ظاهر قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015