موسى بعصاه البحر فدخلوا. وروى: أنّ موسى قال عند ذلك: يا من كان قبل كل شيء، والمكوّن لكل شيء، والكائن بعد كل شيء. ويقال: هذا البحر هو بحر القلزم. وقيل: هو بحر من وراء مصر، يقال له: إِسَاف. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أية آية، وآية لا توصف، وقد عاينها الناس وشاع أمرها فيهم.

[(إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ومَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ* وإنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ)].

وما تنبه عليها أكثرهم، ولا آمن بالله. وبنو إسرائيل: الذين كانوا أصحاب موسى، المخصوصون بالإنجاء قد سألوه بقرة يعبدونها، واتخذوا العجل، وطلبوا رؤية الله جهرة. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) المنتقم من أعدائه (الرَّحِيمُ) بأوليائه.

[(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ* إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ* قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ)].

كان إبراهيم صلوات الله عليه يعلم أنهم عبدة أصنام، ولكنه سألهم ليريهم أنّ ما يعبدونه ليس من استحقاق العبادة في شيء، كما تقول للتاجر: ما مالك؟ وأنت تعلم أنّ ماله الرقيق، ثم تقول له: الرقيق جمال وليس بمال. فإن قلت: (ما تَعْبُدُونَ) سؤال عن المعبود فحسب، فكان القياس أن يقولوا: أصناما، كقوله تعالى: (وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة: 219]، (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ) [سبأ: 23]، (مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) [النحل: 30]. قلت: هؤلاء قد جاءوا بقصة أمرهم كاملة كالمبتهجين بها والمفتخرين، فاشتملت على جواب إبراهيم، وعلى ما قصدوه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول: تداركتما حال القبيلتين بعد انهدامهما وتضعضعهما.

قوله: ({وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} المنتقم من أعدائه، {الرَّحِيمُ} بأوليائه)، وقد سبق أن هذا التذييل تسل لحبيبه - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015