الواو في قوله: (أَوَلَوْ جِئْتُكَ) واو الحال دخلت عليها همزة الاستفهام. معناه: أتفعل بى ذلك ولو جئتك بشيء مبين؟ أي: جائيا بالمعجزة. وفي قوله: (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أنه لا يأتي بالمعجزة إلا الصادق في دعواه، لأن المعجزة تصديق من الله لمدعي النبوّة، والحكيم لا يصدّق الكاذب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أتفعل بي ذلك، ولو جئتك بشيءٍ مبين؟ )، يريد أن عامل الحال وصاحبها: ما دل عليه قوله تعالى: {لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}، فجعل وعيده تخلصاً للانتقال إلى نوع آخر من الدليل. قال القاضي: المعجزة جامعةٌ بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته، والدلالة على صدق مدعي نبوته.
قلت: ويمكن أن يقال: إن الواو في {أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ} عاطفةٌ، وهي تستدعي معطوفاً عليه، وهو ما سبق في أول المكالمة بين نبي الله تعالى وعدوه. والهمزة مقحمةٌ بين المعطوف والمعطوف عليه للتقرير. المعنى: أو تقر بالوحدانية وبرسالتي إن جئتك بعد الاحتجاج بالبراهين القاهرة والمعجزات الباهرة الظاهرة؟ كما سبق تقريره، و"لو" بمعنى "أن" غير عزيز.
ويؤيد هذا التأويل ما في الأعراف: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَاتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الأعراف: 105 - 106].
قال المصنف: "إن كنت جئت من عند من أرسلك بآية فأتني بها، وأحضرها عندي، ليصح دعواك ويثبت صدقك".
قوله: (وفي قوله: {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} أنه لا يأتي بالمعجزة إلا الصادق)، يعني: في سياق هذا التركيب أدمج معنى أن المعجزة تصديقٌ من الله تعالى لمدعي النبوة، والحكيم لا يصدق الكاذب.