. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفكر هي النتيجة، ومنه بنت الشفة للكلام. وفي قوله: "تلقيح بنات الفكر" دقيقة جليلة، وهي: أن الأصل في التلقيح بعد الاستعارة أن يطلق على استعمال الشخص القوة المفكرة بأن يرتب أموراً حاصلة في الذهن، ليتوصل بها إلى تحصيل ما ليس بحاصل، والمحصول منه بعد الترتيب يسمى نتيجة، وفعله تلقيحاً. والمصنف يسمي النتيجة بنات الفكر، وجعل التلقيح في النتيجة. وهذا المعنى موجود في الكنايات التلويحية. قال حسان:
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
فإن النتيجة الحاصلة من مفهوم المشطور الأول أن الضيفان تغشاهم، وكلابهم لا تنبح، ثم نتيجته أنها لما شاهدت وجوهاً إثر وجوه استأنستهم، ثم نتيجته أن الممدوح مضياف، ثم أنه جواد.
ثم اكتفى بهذا القدر من البيان فبنى اسم الفاعل وهو قوله: "مرتاضاً" من "افتعل" للتصرف لإظهار ما ينبغي حصوله بالتكرار، ثم أكد ذلك بقوله: "غير ريض"؛ لئلا يتوهم أن "مرتاضاً" من تسمية الشيء باسم ما يؤول إليه. ونحن نقتفي آثاره ونلقح بنات فكره؛ فإن قوله: "مرتاضاً غير ريض" من بنات فكره، ثم ما نكدح فيه هو التلقيح. وهذه المعاني الدقيقة المستنبط منها هي النتيجة، ثم تكرارنا هذه المعاني مرة بعد أخرى في تركيب غب تركيب هو الارتياض.