ومنه: الغريم؛ لإلحاحه ولزامه. وصفهم بإحياء الليل ساجدين وقائمين، ثم عقبه بذكر دعوتهم هذه، إيذانا بأنهم مع اجتهادهم خائفون مبتهلون إلى الله في صرف العذاب عنهم، كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) [المؤمنون: 60]. (سَاءَتْ) في حكم "بِئستْ" وفيها ضمير مبهم يفسره (مُسْتَقَرّا)، والمخصوص بالذم محذوف، معناه: ساءت مستقرّا ومقاما هي. وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم "إنّ" وجعلها خبرا لها. ويجوز أن يكون (سَاءَتْ) بمعنى: أحزنت. وفيها ضمير اسم "إنّ". و (مُسْتَقَرًّا) حال أو تمييز، والتعليلان يصح أن يكونا متداخلين ومترادفين، وأن يكونا من كلام الله وحكاية لقولهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ساءت مستقراً ومقاماً هي)، قال صاحب "المطلع": فإن قيل: كيف ذكر المفسر والمفسر مؤنث؟ قلت: لما أنث المفسر بمعنى الدار والمنزلة، وجب تأويل المفسر به، كأنه قيل: ساءت الدار أو المنزلة داراً أو منزلةً، وإنما وجب تأنيثه نظراً إلى المخصوص بالذم كما نظر ذو الرمة في الزورق إلى تأويل السفينة، حيث كان المخصوص بالمدح مؤنثاً في قوله:

أو حرةٌ عيطلٌ ثبجاء مجفرةٌ ... دعائم الزور نعمت زروق البلد

الحرة: الناقة الكريمة، والعيطل: الطويلة العنق. الثبج: شديد الثبج، وهو الظهر، وقيل: ما بين الكاهل إلى الظهر، والمجفرة: الشديدة الجفرة وهي الوسط، والزور: أعلى الصدر.

قوله: (وفيها ضمير اسم "إن")، وقال صاحب "المطلع": والتأنيث لاسم "إن"، وهي جهنم، لأنه ضميرها.

قوله: (يصح أن يكونا متداخلين)، أي: يكون قوله: {إِنَّ عَذَابَهَا} تعليلاً لقوله:

{اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ}، وقوله: {إِنَّهَا سَاءَتْ} تعليلاً لقوله: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015