(سَلَاماً): تسلما منكم لا نجاهلكم، ومتاركة لا خير بيننا ولا شر، أي: نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسلم. وقيل: قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الإيذاء والإثم. والمراد بالجهل: السفه وقلة الأدب وسوء الرعة، من قوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
وعن أبي العالية: نسختها آية القتال. ولا حاجة إلى ذلك؛ لأنّ الإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة، وأسلم للعرض والورع.
[(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً)].
البيتوتة: خلاف الظلول، وهو أن يدركك الليل، نمت أو لم تنم، وقالوا: من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تسلماً منكم لا نجاهلكم)، روى صاحب "المطلع" عن الزجاج وأبي علي: نتسلم منكم تسلماً، أي: لا نجاهلكم ولا نلتبس بشيءٍ من أمركم، وهو الجهل. وقلت: هو معنى قوله: "ومتاركةً لا خير بيننا ولا شر".
قوله: (سداداً من القول)، وهو قول مقاتل بن حيان، أي: قالوا قولاً يسلمون فيه من الإثم. قالوا: هذا ليس بسديد، لأن المراد: أنهم يقولون هذه اللفظة لقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]. قال الحريري في "درة الغواص": السداد، بالفتح: القصد في الدين والسبيل، والسداد بالكثير: البلغة، وكل ما سددت به شيئاً.
قوله: (وسوء الرعة)، الجوهري: قد ورع يرع بالكسر فيهما ورعاً ورعةً. يقال: فلانٌ سيئ الرعة، أي: قليل الورع.