النبي صلى الله عليه وسلم: "من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه، جاء يوم القيامة متعلقا به يقول: يا رب العالمين، عبدك هذا اتخذني مهجورا، اقض بيني وبينه". وقيل: هو من هجر، إذا هذى، أي: جعلوه مهجورا فيه، فحذف الجار وهو على وجهين، أحدهما: زعمهم أنه هذيان وباطل وأساطير الأوّلين. والثاني: أنهم كانوا إذا سمعوه هجروا فيه، كقوله تعالى: (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت: 26]. ويجوز أن يكون المهجور بمعنى الهجر، كالمجلود والمعقول. والمعنى: اتخذوه هجرا.

والعدوّ: يجوز أن يكون واحدا وجمعا. كقوله: (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) [الشعراء: 77] وقيل: المعنى: وقال الرسول يوم القيامة.

[(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً* وَلا يَاتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً* الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً)].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ({لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا}) أي: بإنشاد الأناشيد وإنشاء الأراجيز، وبالمكاء والتصدية.

قوله: (ويجوز أن يكون المهجور بمعنى الهجر)، عطفٌ على قوله: {مَهْجُورًا} تركوه"، كالمجلود بمعنى الجلادة، والمعقول بمعنى العقل، والمعنى: اتخذوه هجراً، أي: نفس الهجر مبالغةً، هذا على قول الكوفيين، لأن صاحب "الكتاب" لم يثبت الوارد على وزن المفعول.

الراغب: الهجر والهجران: مفارقة الإنسان غيره إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب، وقوله تعالى: {يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا} فهذا هجرٌ بالقلب، أو بالقلب واللسان.

قوله: (وقيل: المعنى: وقال الرسول يوم القيامة)، عطفٌ على قوله: "حكى الله عنه شكواه قومه إليه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015