شبههم بالعصف حتى جعله مؤوفا بالأكال، ولا أن شبه عملهم بالهباء حتى جعله متناثرا.
أو مفعول ثالث لجعلناه، أى فجعلناه جامعا لحقارة الهباء والتناثر، كقوله: (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) [البقرة: 65]، أي: جامعين للمسخ والخسء. ولام الهباء واو، بدليل الهبوة.
[(أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً)].
المستقرّ: المكان الذي يكونون فيه في أكثر أوقاتهم مستقرّين يتجالسون ويتحادثون.
والمقيل: المكان الذي يأوون إليه للاسترواح إلى أزواجهم والتمتع بمغازلتهنّ وملامستهنّ، كما أنّ المترفين في الدنيا يعيشون على ذلك الترتيب. وروي: أنه يفرغ من الحساب في نصف ذلك اليوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغر أبلج تأتم الهداة به ... كأنه علمٌ في رأسه نار
ما كفاها أن جعلته علماً في الهداية، حتى جعلته في رأسه نارٌ.
قوله: (مؤوفاً بالأكال)، أي: مصاباً بآفة الأكال، يقال: أصابه أكالٌ في رأسه وأسنانه، أي: تآكل.
قوله: (فجعلناه جامعاً لحقارة الهباء والتناثر)، وذلك أن المفعول الثالث بمنزلة الخبر، كقولك: هذا حلوٌ حامضٌ، أي: جامعٌ لهذين الطعمين.
قوله: (في أكثر أوقاتهم مستقرين يتجالسون ويتحادثون)، وإنما حمل {مُسْتَقَرًّا} على هذا المعنى، والجنة أبداً مستقرهم ومقامهم، ليصح حمل {مَقِيلًا} على معنى الخلوة، ليجمع بين حالتي التعظيم والتترف، فيكون من باب التكميل.
قوله: (وروي: أنه يفرغ من الحساب في نصف اليوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة)، فعلى