وأنشدت لبعض الرّجاز:
قالت وفيها حيدة وذعر ... عوذ بربي منكم وحجر
فإن قلت: فإذ قد ثبت أنه من باب المصادر، فما معنى وصفه بمحجور؟ قلت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلما اختص بموضع تصرفوا فيه بالكسر والضم، وذلك أن {حِجْرًا مَحْجُورًا} إنما يقال عند لقاء عدو، وهجوم نازلةٍ، فإنه- هكذا- عبارةٌ عن الاستعاذة، فلذلك تصرفوا فيه، كما أن قعدك الله لما كان عبارةً عن اليمين، لأن معناه بحق صاحبك الذي هو صاحب كل نجوى، وكذا عمرك الله، معناه: بتعميرك الله، أي: بإقرارك له بالبقاء تصرفوا فيهما، كذا في "الصحاح".
الأساس: قعدك الله وقعيدك الله لا أفعل، قال جريرٌ:
قعيدكما الله الذي أنتما له ... ألم تسمعا بالبيضتين المناديا
وهي قعيدته: لامرأته.
وقال الراغب: الحجر: الممنوع منه بتحريمه، قال تعالى: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138]، {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}، كان الرجل إذا لقي من يخاف يقول ذلك، فذكر تعالى أن الكفار إذا رأوا الملائكة قالوا ذلك ظناً أن ذلك ينفعهم، وقال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} أي: منعاً لا سبيل إلى رفعه ودفعه.
قوله: (قالت وفيها حيدةٌ) البيت، الحيدة: الميل. والذعر: الخوف.