وتقلب القلوب والأبصار: إما أن تتقلب وتتغير في أنفسها، وهو أن تضطرب من الهول والفزع وتشخص، كقوله: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10]، وإما أن تتقلب أحوالها وتتغير فتفقه القلوب بعد أن كانت مطبوعاً عليها لا تفقه، وتبصر الأبصار بعد أن كانت عمياً لا تبصر. {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} أي: أحسن جزاء أعمالهم، كقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26]، والمعنى: يسبحون ويخافون، ليجزيهم ثوابهم مضاعفاً ويزيدهم على الثواب تفضلاً. وكذلك معنى قوله: {الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]: المثوبة الحسنى وزيادة عليها من التفضل.
وعطاء الله عز وجل: إما تفضل، وإما ثواب، وإما عوض،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الخليط أجدوا البين فانجردوا
أي: مضوا وأسرعوا. والخليط بمعنى المخالط، والمراد به الجمع، وعد الأمر، أي: العدة.
قوله: (والمعنى: يسبحون ويخافون)، يريد أن قوله: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا} صفةٌ بعد صفةٍ لرجال، والصفة الأولى: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}، أي: تسبيح الله لقوله: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا}، فذكر الله مظهرٌ وضع موضع المضمر.
قوله: (وكذلك معنى قوله: {الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، يعني: كما أن الزيادة في هذه الآية من الفضل، كذا يجب أن تفسر الزيادة في قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، لأن المطلق محمولٌ على المقيد، إذا كانا عن سبب واحد، ولأنه إذا لم يذكر المزيد فوجب أن يكون من جنس المزيد عليه وإن كان من غير جنسه، فلابد من الذكر، كقولك: أعطاني فلانٌ ديناراً وزيادةً، إذا كانت الزيادةُ من جنس الدينار، ولا تقول: أردت بالزيادة الثواب فيبطل تفسير الزيادة بالرؤية كما هو مذهب أهل السنة، ولم يعلم أن الكل من فضله: الجزاء، والزيادة، والرؤية، وغير ذلك، وتفسير الزيادة بالرؤية واردٌ عن الصادق المصدوق كما سبق بيانه.
قوله: (وعطاء الله تعالى إما تفضلٌ وإما ثوابٌ وإما عوض)، فالتفضل على ما سبق.