مشتعل القريحة وقادها، يقظان النفس دراكاً للمحة وإن لطف شانها، منتبهاً على الرمزة وإن خفي مكانها، لاكزاً جاسياً، ولا غليظاً جافياً،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لجودة سماحة القريحة وسهولة تأتيها للمعاني الدقيقة سهولة سير الناقة بسبب إرخاء زمامها وانقيادها عند انثنائه.
قوله: (وقادها)، تكميل لقوله: "مشتعل القريحة"؛ لئلا يتوهم أن قريحته كنار العرفج في أنها متقاصرة البقاء سريعة الاشتقال. وهما تكميل لقوله: "مسترسل الطبيعة"؛ لدفع توهم الجمودة. وإنما خصت القريحة بالاشتعال- وهي مستعارة من أول الماء المستنبط من البئر مكا مر- لإيهام الجمع بين الضدين. قال أبو العلاء:
تبين فوقه ضحضاح ماء ... وتبصر فيه للنار اشتعالا
قوله: (دراكاً)، فعالاً من الدرك، أي: كثير الدرك لدقيق المعاني.
قوله: (منتبهاً)، نبهته على الشيء أوقفته، وانتبه مطاوع له، ومنتبهاً هو السماع.
قوله: (على الرمزة)، وهي الإشارة والإيماء بالحاجب.
قوله: (لاكزاً)، الكز: هو الانقباض واليبس. رجل كَزٌّ وقوم كُزٌّ بالضم.
قوله: (جاسياً)، جسأت يده من العمل تجسأ جسئاً: صلبت، والاسم: الجسأة مثل الجرعة. وهي في الدواب: يبس المعطف.
قوله: (جافياً)، الأساس: ثوب جاف: غليظ، وهو من جفاة العرب، المغرب: الجفاء غالب على أهل البدو، وهو الغلظ في العشرة، والخرق في المعاملة، وترك الرفق. وفي الكلام