. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونور قلبه، ونور اللطيفة ونور القرن، وهذا التكرير والتقرير والمتممات توقفك على استقلال كل مرتبةٍ في معنى الإضاءة والاستضاءة، وأن التشبيه من باب التفريق، لا من باب أخذ الزبدة ولا التمثيل، وإلا فالظاهر أن يقال: مثل نوره كمصباح في زجاجةٍ في مشكاة، وإنما لم يقل: كمشكاةٍ فيها زجاجةٌ فيها مصباح على الترتيب السابق، فإن الكوة حاويةٌ للزجاجة وهي المصباح، ليلوح به إلى أن المطلوب المصباح، وأن الزجاجة تابعةٌ، وأن المقصود من القلب ذلك النور المقذوف فيه ولولاه لكان مضغةً لا يعبأ بها، ومن ثم جعل فاقدة فاقد القلب في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37]، ولاحتجاب ذلك الهدى بهذه الحجب النورانية، ولكل منها ظهرٌ وبطنٌ، وحدٌ ومطلعٌ قلما يهتدي إليه إلا من اتبع رضوانه سبل السلام ليهديه إلى صراطٍ مستقيم، وفي قوله: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} الإشعار بأن هذه تقريباتٌ وتلويحاتٌ بحسب الاستعدادات، وأن بيان نوره الحقيقي لا يسعه نطاق التحرير، لكن الله بعلمه الواسع يعلم حقيقته والله بكل شيء عليم.
وما أحسن طباق هذا التأويل مع قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16]، فقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} كقوله: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} الآية، لكونهما للامتنان على المنزل إليهم، والتنبيه على عظم شأن هذه النعمة لتتلقى بالشكر الواجب.
وقوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} كقوله تعالى: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}.
وأما قوله: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} الآية، فعطفٌ على سبيل التفسير على قوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ}، وفي إيقاع {مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ} مفعولاً