فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي ... وإن كنت أفتى منكم- أتأيم

وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إنا نعوذ بك من العيمة والغيمة والأيمة والكزم والقرم"، والمراد: أنكحوا من تأيم منكم من الأحرار والحرائر، ومن كان فيه صلاٌ من غلمانكم وجواريكم.

وقرئ: (من عبيدكم). وهذا الأمر للندب، لما علم من أن النكاح أمرٌ مندوب إليه، وقد يكون للوجوب في حق الأولياء عند طلب المرأة ذلك، وعند أصحاب الظواهر: النكاح واجب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فإن تنكحي أنكح)، البيت. أفتى: أفعل من الفتى، أي: أقرب إلى الشباب، و"أتأيم": جزاء الشرط، "وإن كنت أفتى منكم": جملةٌ معترضةٌ. يقول: أوافقك في حالتي التزوج والتأيم، وإن كنت أفتى منك.

قوله: (من العيمة والغيمة)، النهاية: العيمة بالعين المهملة: شدة شهوة اللبن، وقد عام يعام ويعيم عيماً. والغيمة بالغين المعجمة: شدة العطش.

و"الكزم" بالزاي والتحريك: شدة الأكل، والمصدر ساكنٌ، وقيل: هو البخل، من قولهم: هو أكزم البنان، أي: قصيرها، كما يقال: جعد الكف، وقيل: هو أن يريد الرجل المعروف ولا يقدر على الشيء. والقرم: شدة شهوة اللحم حتى لا يصبر عنه.

قوله: (وهذا الأمر للندب)، قال القاضي: لما نهى عما عسى يفضي إلى السفاح المخل بالنسبة المقتضي للألفة وحسن التربية ومزيد الشفقة المؤدية إلى بقاء النوع، بعد الزجر عنه مبالغةً فيه، أمر بالنكاح الحافظ له، والخطاب للأولياء والسادة. وفيه دليلٌ على وجوب تزويج المولية والمملوك، وذلك عند طلبهما، وإشعارٌ بأن المرأة والعبد لا يستبدان به، إذ لو استبدا لما وجب على الولي والمولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015