الأنصار، لما نزلت هذه الآية قامت كل واحدةٍ منهن إلى مرطها المرحل فصدعت منه صدعةً، فاختمرن، فأصبحن على رؤوسهن الغربان. وقرئ: (جيوبهن) بكسر الجيم لأجل الياء، وكذلك {بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27]. قيل في {نِسَائِهِنَّ}: هن المؤمنات، لأنه ليس للمؤمنة أن تتجرد بين يدي مشركة أو كتابة.
عن ابن عباس: والظاهر أنه عني بنسائهن وما ملكت أيمانهن: من في صحبتهن وخدمتهن من الحرائر والإماء والنساء، كلهن سواء في حل نظر بعضهن إلى بعض. وقيل: {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}: هم الذكور والإناث جميعاً.
وعن عائشة: أنها أباحت النظر إليها لعبدها، وقالت لذكوان: إنك إذا وضعتني في القبر وخرجت فأنت حر. وعن سعيد بن المسيب مثله، ثم رجع وقال: لا تغرنكم آية النور، فإن المراد بها الإماء.
وهذا هو الصحيح، لأن عبد المرأة بمنزلة الأجنبي منها، خصيًا كان أو فحلًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "جيوبهن")، قرأ نافعٌ وعاصمٌ وأبو عمروٍ وهشام: {جُيُوبِهِنَّ} بضم الجيم، والباقون: بكسرها.
قوله: (وكذلك "بيوتاً غير بيوتكم")، قال الزجاج: من ضم فعلى أصل الجمع، بيتٌ وبيوت، مثل قلبٍ وقلوب، ومن كسر فللياء التي بعدها، وذلك عند البصريين رديءٌ جداً، لأنه ليس في الكلام "فعولٌ" بكسر الفاء، والقراءة شاذة.
قوله: (وهذا هو الصحيح، لأن عبد المرأة بمنزلة الأجنبي)، ذكر محيي السنة في "المعالم": عبد المرأة محرمٌ لها، فيجوز له، إذا كان عفيفاً، النظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة، كالمحارم، وهو ظاهر القرآن. وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة رضي الله