لهؤلاء المذكورين. وذكر الزينة دون مواقعها: للمبالغة في الأمر بالتصون والتستر، لأن هذه الزين واقعةٌ على مواضع الجسد لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء، وهي: الذراع، والساق، والعضد، والعنق، والرأس، والصدر، والأذن، فنهي عن إبداء الزين نفسها، ليعلم أن النظر إذا لم يحل إليها، لملابستها تلك المواقع بدليل أن النظر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرمل: ما تشده المرأة في شعرها. كلها من "الصحاح"، وقيل: الوشاح: قلادةٌ طويلةٌ تضع المرأة وسطها على عنقها ثم تخالف بين طرفيها على صدرها حتى تكون كهيئة لام ألف، ثم تديره على حقويها.
قوله: (بدليل)، تعليلٌ، وهو قوله: "لملابستها"، أي: النظر إنما لا يحل إلى الزين، لملابستها تلك المواضع، يدل عليه جواز النظر إليها غير ملابسةٍ لها.
وقوله: "كان النظر إلى المواضع"، جواب "إذا".
وقوله: "لا مقال في حله"، خبر "أن"، والشرط والجزاء خبر "أن" الأولى، تقريره يشرع بأن هذه العبارة من باب الكناية، على نحو قول الشاعر:
تبيت بمنجاةٍ من اللوم بيتها ... إذا ما بيوتٌ حلت
وقولهم: فلانٌ طاهر الحبيب نقي الذيل.
وقال صاحب "الفرائد": هو من باب إطلاق اسم الحال على المحل، فالمراد بالزينة: مواقعها، فيكون حرمة النظر إلى المواقع بعبارة النص، لا بدلالتها كما ذهب إليه، وعبارة النص أقوى من دلالته. اعلم أن عبارة النص كما حددها البزدوي: هو العمل بظاهر ما سيق الكلام له، ودلالة النص: هو ما ثبت بمعنى النص لغةً لا اجتهاداً واستنباطاً، كقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 22]، لأنها معلومٌ بظاهرها وبمعناها، فلا يحتاج إلى إخراج معناه بالاجتهاد.