الإفك، وأن يراد بالخبيثات والطيبات: النساء، أي: الخبائث يتزوجن الخباث، والخباث الخبائث. وكذلك أهل الطيب. وذكر الرزق الكريم هاهنا مثله في قوله: {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 31].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إِلَّا زَانٍ} [النور: 3]، فصرحت الآية بالأقسام الأربعة وزيادة، وهي شهادتها على أن عائشة زوجة أطيب الطيبين، فلا تكون إلا طاهرةً طيبة. ويقوي الثاني أيضًا وعدهم بالمغفرة والرزق الكريم، وهو الموعود به في قوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 31].

قوله: (وذكر الرزق الكريم هاهنا مثله في قوله)، أي: في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 31]، يعني: كما أريد بالرزق الكريم هنالك البشارة بالجنة، لقوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} بدليل قوله: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، كذلك ينبغي أن يكون هاهنا، لأن الآيتين مثلان، وكما أن الرزق الكريم هناك مسبوقٌ بآيتنا أجرها مرتين، كذلك هاهنا مسبوقٌ بقوله: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}، وكما أن آتينا الأجر هناك مسببٌ عن قنوتهن، كذلك هنا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} مسبب عن كونها مبرأة عما قيل فيها، وليس ذلك إلا لقنوتها وطهارتها، وكما أن تلك الآية في شأن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، كذلك هذه في شان حبيبته وصفيته، فالكلام مبنيٌ على حمل المطلق على المقيد.

وجدت بخط مولاي وشيخي الإمام المغفور [له] بهاء الدين تغمده الله بغفرانه: أن ابن عباس دخل على عائشة رضي الله عنهما، في مرضها الذي ماتت فيه، فبكت، وقالت: أخاف ما أقدم عليه، فقال ابن عباسٍ: لا تخافي فو الذي أنزل الكتاب على محمدٍ صلوات الله عليه وسلامه، لا تقدمين إلا على مغفرةٍ ورزقٍ كريم. فقالت: رحمك الله، أهذا شيءٌ أنبأك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بل هو شيءٌ نبأنيه كتاب الله عز وجل، قالت: فاتل علي، فتلا: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} إلى قوله تعالى: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، فخرج من عندها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015