وكيف بالغ في نفي التهمة عن حجابه. فإن قلت: إن كانت عائشة هي المرادة، فكيف قيل: {الْمُحْصَنَاتُ} [النور: 23]؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يراد بالمحصنات أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن يخصص بأن من قذفهن فهذا الوعيد لا حقٌ به، وإذا أردن وعائشة كبراهن منزلةً وقربةً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كانت المرادة أولًا. والثاني: أنها أم المؤمنين، فجمعت إرادةً لها ولبناتها من نساء الأمة الموصوفات بالإحصان والغفلة والإيمان، كما قال:
قدني من نصر الخبيبين قدي
أراد عبد الله بن الزبير وأشياعه، وكان أعداؤه يكنونه بخبيبٍ ابنه، وكان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في نفي التهمة عن حجابه)، "حجابه" أيضًا: كنايةٌ، تعظيمًا لجانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لله دره، ما أحسن نظره وما أدق فكره، وما أشد حرصه في تعظيم جانب سيد البشر، وخيرة الأولين والآخرين.
قوله: (وأن يخصصن)، عطفٌ على قوله: "أن يراد بالمحصنات" على البيان والتفسير، يعني: تخصيص العام بأزواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - على معنى: من قذفهن فهذا الوعيد لا حقٌ به، دون سائر النساء، لشرفهن وعلو مرتبتهن. ولما جعل المخصص الشرف، وكانت عائشة كبراهن منزلةً، كانت المرادة أولًا. والحاصل: أن عائشة رضي الله عنها هي المرادة بالمحصنات لكن بمزيتين.
قوله: (قدني من نصر الخبيبين قدي)، تمامه:
ليس الإمام بالشحيح الملحد
قدني: أي: حسبي. الملحد: أي: الذي ألحد في الحرام، أي: أقام الحرب فيه.