وقرئ: (يشهد) بالياء. و {الْحَقَّ} بالنصب: صفةٌ للدين، وهو الجزاء، وبالرفع، صفةٌ لله. ولو فليت القرآن كله وفتشت عما أوعد به من العصاة لم تر الله عز وجل قد غلظ في شيءٍ في إفك عائشة رضوان الله عليها، ولا أنزل من الآيات القوارع، المشحونة بالوعيد الشديد، والعتاب البليغ، والزجر العنيف، واستعظام ما ركب من ذلك، واستفظاع ما أقدم عليه، ما أنزل فيه على طرقٍ مختلفة وأساليب مفتنة، كل واحدٍ منها كافٍ في بابه، ولو لم ينزل إلا هذه الثلاث لكفى بها، حيث جعل القذفة ملعونين في الدارين جميعاً، وتوعدهم بالعذاب العظيم في الآخرة، وبأن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد عليهم بما أفكوا وبهتوا، وأنه يوفيهم جزاءهم الحق الواجب الذي هم أهله، حتى يعلموا عند ذلك {أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}، فأوجز في ذلك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ: "يشهد" بالياء)، التحتاني: حمزة والكسائي، والباقون بالتاء.

قوله: (ولو فليت القرآن)، الجوهري: فليت الشعر، إذا تدبرته واستخرجت معانيه وغريبه، عن ابن السكيت.

قوله: (فأوجز في ذلك)، أي: في المذكور من معنى قوله: "جعل الله القذفة معلونين إلى آخره".

قوله: (فأوجز)، عطفٌ على "جعل" على طريقة {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 53]، يعني: أشبع الكلام حيث لم يترك من النكال والإهانة واللعن في الدارين والعذاب الأليم، وشهادة الجوارح، والتهديد والوعيد بتوفية الجزاء إلا أتى به، وبالغ فيه وأوجز، حيث جاء بالمعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة، لأن من أراد أن يقرر المعاني التي تعطيها هذه الألفاظ، ويستوفي حقها من البيان، أطال وأطنب، وفصل وأجمل، حيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015