وهو من: ائتلى، إذا حلف، افتعال من الألية. وقيل: من قولهم: ما ألوت جهداً، إذا لم تدخر منه شيئاً. ويشهد للأول قراءة الحسن: (ولا يتأل). والمعنى: لا يحلفوا على أن لا يحسنوا على المستحقين للإحسان. أو: لا يقصروا في أن يحسنوا إليهم وإن كانت بينهم وبينهم شحناء لجنايةٍ اقترفوها، فليعودوا عليهم بالعفو والصفح، وليفعلوا بهم مثل ما يرجون أن يفعل بهم ربهم، مع كثرة خطاياهم وذنوبهم.

نزلت في شأن مسطح، وكان ابن خالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان فقيراً من فقراء المهاجرين، وكان أبو بكرٍ ينفق عليه، فلما فرط منه ما فرط آلي أن لا ينفق عليه. وكفي به داعياً إلى المجاملة وترك الاشتغال بالمكافأة للمسيء. ويروى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأها على أبي بكر، فال: بلى أحب أن يغفر الله لي. ورجع إلى مسطح نفقته، وقال: والله لا أنزعها أبداً. وقرأ أبو حيوة وابن قطيب: (أن تؤتوا) بالتاء على الالتفات، ويعضده قوله: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}.

[{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 23].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (نزلت في شأن مسطح)، حديث الإفك أورده بتمامه البخاري ومسلمٌ والترمذي والنسائي، عن عائشة رضي الله عنها، وفيه: قال أبو بكرٍ رضي الله عنه، وكان ينفق على مسطح بن أثاثه لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبدًا بعد ما قال لعائشة، فأنزل الله تعالى: {وَلَا يَاتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} الحديث.

قوله: (وكان ابن خالة أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه، وكان فقيرًا من فقراء المهاجرين)، أراد أن الواو العاطفة بين الصفات، يعني في قوله: {أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} الواردة في شأن مسطح، للدلالة على أن هذا الموصوف جامعٌ لها، قال القاضي: يجوز أن تكون الصفات لموصفاتٍ أقيمت مقام الصفات، فيكون أبلغ في تعليل المقصود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015