والعمل الصالح فيه، فسأل ربه الرجعة وقال (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) في الإيمان الذي تركته، والمعنى:

لعلى آتى بما تركته من الإيمان، وأعمل فيه صالحا، كما تقول: لعلى أبنى على أس، تريد:

أسس أسا وأبنى عليه. وقيل: (فيما تركت) من المال. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا نرجعك إلى الدنيا، فيقول: إلى دار الهموم والأحزان! بل قدوما إلى الله. وأمّا الكافر فيقول: (رب ارجعون)» (كَلَّا) ردع عن طلب الرجعة، وإنكار واستبعاد. والمراد بالكلمة: الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض، وهي قوله: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ). (هُوَ قائِلُها) لا محالة، لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة عليه وتسلط الندم. أو هو قائلها وحده لا يجاب إليها ولا تسمع منه (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ) والضمير للجماعة، أى: أمامهم حائل بينهم وبين الرجعة إلى يوم البعث، وليس المعنى: أنهم يرجعون يوم البعث،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن لم أكن أهلاً فأنت له أهل

قوله: (لعلي آتي بما تركته من الإيمان وأعمل صالحاً فيه)، هو كقوله تعالى: (اعْبُدُوا رَبَّكُمْ) وقولك للمحدث: صل.

قوله: (أو هو قائلها وحده) عطفٌ على قوله: "هو قائلها لا محالة لا يخليها"، وذلك أن التركيب من باب أنا عارفٌ، فإذا اعتبر أن (هُوَ) مبتدأ ابتداءً، و (قَائِلُهَا) الخبرُ، فهو من باب: تقوي الحكم، وإليه الإشارة بقله: "هو قائلها لا محالة لا يخليها"، وإذا اعتبر أنه من باب تقديم الفاعل المعنوي، ويفيد التخصيص، قيل: هو قالها وحده لا يجاب إليها، ولا تُسمعُ منه، ونحوه: إذا كلمك صاحبك بما لا جدوى تحته، فتجيبه وتقول: اشتغل أنت وحدك بهذه الكلمة فتكلم واستمع، يعني: إنها مما لا يُسمع منك ولا يستحق الجواب.

قوله: (وليس المعنى أنهم يرجعون يوم البعث)، يريد أن "إلى" لانتهاء الغاية، فإذا قيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015