وسكن بعضهم الثاء للتخفيف، كما في:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعاصي ليجمع بين فعل الطاعة وترك المعصية، وفيه إيذانً بأن التقوى قد يُراد منه الاحترازُ عما لا ينبغي كا قررناهُ في فاتحة البقرة، وقال محيي السنة والواحدي: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، أي: يجتنبون الشرك، (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) أي: يُجددُ لهم القرآنُ عبرةً وعظةً ليعتبروا ويتعظوا بذكر عقاب الله للأمم.
وقال الإمامُ: وفيه وجهان: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، أي: يصيرون متحرزين عما لا ينبغي أو يحدث لهم القرآن ذكراً يدعوهم إلى الطاعات وفعل ما ينبغي، أو: أنزلنا القرآن ليتقوا، فإن لم يحصل ذلك فلا أقل من أن يُحدث لهم ذكراً شرفاً وصيتاً حسناً أو كلمة، أو كما في قولك: جالس الحسن وابن سيرين.
وقال القاضي: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) المعاصي، فتصير التقوى لهم ملكةً، (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) عظةً واعتباراً حين يسمعونها فتثبطهم عن المعاصي: ولهذه النكتة أسند التقوى إليهم والإحداث إلى القرآن.
وقلتُ: والذي يحضرنا الآن - والله أعلم: أن المعنى: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) أي: فصيحاً ناطقاً بالحق ساطعاً تبيانه يحدث لهم التأمل والتفكرُ في آياته وبياناته الواقية الشافية فيُذعنون ويُطيعون (وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) العذاب، فقيه لفٌّ من غير ترتيب، فالآية على وزان قوله تعالى: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 44]، قال المصنف: يتذكرُ، أي: يتأملُ فيبذل النصفة من نفسه والإذعان للحق ويخشى أن يكون الأمر كما تصفان فيجره إنكاره إلى الهلكة.
قوله: (وسكن بعضهم الثاء للتخفيف)، أي: يحدث، قال ابن جني: قرأ بها الحسنُ، وينبغي أن يكون هذا مما يسكن استثقالاً للضمة. وأنشدنا أبو علي لجرير: