بعد ما استوفى الأربعين: ذا القعدة وعشر ذى الحجة. وعدهم الله سبحانه أن يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور، ولا وعد أحسن من ذاك وأجمل، حكى لنا أنها كانت ألف سورة كل سورة ألف آية، يحمل أسفارها سبعون جملا (الْعَهْدُ) الزمان، يريد: مدّة مفارقته لهم. يقال: طال عهدى بك، أى: طال زماني بسبب مفارقتك. وعدوه أن يقيموا على أمره وما تركهم عليه من الإيمان، فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل (بِمَلْكِنا) قرئ بالحركات الثلاث، أى: ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا، أي: لو ملكنا أمرنا وخلينا وراءنا لما أخلفناه، ولكنا غلبنا من جهة السامري وكيده. أى: حملنا أحمالا من حلىّ القبط التي استعرناها منهم. أو أرادوا بالأوزار: أنها آثام وتبعات، لأنهم كانوا معهم في حكم المستأمنين في دار الحرب. وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي، على أن الغنائم لم تكن تحل حينئذ (فَقَذَفْناها) في نار السامري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي روايةٍ عن عبيدة بن مرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: مرةُ عن عبيدة: "موتُ الفجأة أخذُ أسف"، أخرج الثانية أبو داود، والأولى ذكرها رزينٌ.
النهاية: أي: أخذةُ غضب أو غضبان، يقال: أسف يأسفُ أسفاً فهو أسيف: إذا غضب.
قوله: (فأخلفوا موعده)، أي: ما وعدوه، قال تعالى: (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي)، أي: ما وعدتموني من الإقامة على الإيمان، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول.
قوله: ((بِمَلْكِنَا) قرئ بالحركات الثلاث)، بالضم: حمزة والكسائي، وبالفتح: نافعٌ وعاصم، والباقون: بالكسر، فالفتح: مصدرُ ملكت الشيء أملكه ملكاً، والملكُ: ما مُلك، ويستعملُ استعمال المصدر كالرزق، وبالضم: السلطانُ والقدرة، أي: لو ملكنا وقدرنا عليه وخلينا وراءنا.
قوله: (وليس للمستأمن أن يأخذ مال الحربي)، أي: ليس له أن يأخذه إلا بإذنه، حتى