ألا ترى إلى قوله (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ) أى هذا الجنس. فإن قلت: فلم نكر أوّلا وعرف ثانيا؟

قلت: إنما نكر من أجل تنكير المضاف، لا من أجل تنكيره في نفسه، كقول العجاج:

في سعى دنيا طالما قد مدّت

وفي حديث عمر رضى الله عنه «لا في أمر دنيا ولا في أمر آخرة. المراد تنكير الأمر، كأنه قيل: إن ما صنعوا كيد سحري. وفي سعى دنيوى. وأمر دنيوى وآخري (حَيْثُ أَتى) كقولهم: حيث سير، وأية سلك، وأينما كان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (في سعي دنيا طالما قد مُدت)، قبله:

يوم ترى النفوس ما أعدت ... من نُزلٍ إذا الأمور غبت

ما أعدت، أي: جعلته عُدةً، غبتِ الأمورُ: إذا بلغت أواخرها، "ما" في "طالما": كافةٌ، أو مصدريةٌ، مضى شرحه في الخطبة، مُدت، أي: أمهلت، في جمعها وتهيئة أسبابها.

وإنما نكر "دنيا" لتنكير السعي، إذ لو عرف الدنيا صار السعي معرفة، والمراد تنكيره، المعنى: في سعي دنيوي. وقوله: "في سعي دنيا" ظرفُ "غبت"، يقول: يوم القيامة ترى النفوس ما جعلته عدة، من نُزل يوم القيامة، حتى تبلغ الأمور أواخرها.

قوله: (وفي حديث عُمر رضي الله عنه)، النهاية: في حديث عمر رضي الله عنه قال: "إني لأكرهُ أن أرى أحدكم سبهللاً، لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة". سبهللاً: أي: فارغاً، يقال: جاء يمشي سبهللاً: إذا جاء وذهب فارغاً في غير شيء. التنكيرُ في "دنيا" و"آخرة" يرجعُ إلى المضاف، وهو العمل، كأنه قال: لا في عمل من أعمال الدنيا، ولا في عمل من أعمال الآخرة.

قوله: ((حَيْثُ أَتَى) كقولهم: حيثُ سير)، الراغب: حيثُ عبارةٌ عن مكان مبهمٌ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015