ووجه صحته أن يقع علما لمصلى بعينه، فأمروا بأن يأتوه. أو يراد. ائتوا مصلى من المصليات (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) اعتراض. يعنى: وقد فاز من غلب.
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (65) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) [طه: 65 - 66].
(أَنْ) مع ما بعده إما منصوب بفعل مضمر. أو مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف. معناه:
اختر أحد الأمرين، أو الأمر إلقاؤك أو إلقاؤنا. وهذا التخيير منهم استعمال أدب حسن معه، وتواضع له وخفض جناح، وتنبيه على إعطائهم النصفة من أنفسهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ووجه صحته)، أي: صحة هذا المجاز والعدول من الحقيقة وإرادة المُصلى بـ (صفاً) في قول فرعون: (ائْتُوا صَفّاً) بعد تقرير المجاز هو أن يقع علماً ويُراد مُصلى من المصليات.
قوله: (إما منصوبٌ بفعلٍ مضمر أو مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف)، قال أبو البقاء: أي: إما أن تفعل الإلقاء أو أمرنا الإلقاء.
قوله: (وهذا التخيير منهم استعمال أدب حسن)، قال في "الانتصاف": سبق أدبهم في قولهم: فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ)، جعلوا الموعد من موسى ثم قالوا: (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) وألهم الله تعالى موسى عليه السلام أن يجعل الموعد يوم عيدهم ليفتضحوا على رؤوس الأشهاد، وألهمه بأن يبدؤوا ليكون إلقاؤه قذفاً بالحق على الباطل.
وقال القاضي: أمرهم بأن يبدؤوا في الإلقاء إسعافاً إلى ما أوهموا من الميل إلى البدء بذكر الأول في جانبهم وتغير النظم إلى وجه أبلغ وهو: (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى).