رضي الله عنه: ما يُحشرون -والله- على أرجلهم، ولكنهم على نوق رحالها ذهب، وعلى نجائب سروجها ياقوت.
(وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) [مريم: 86].
وذُكِرَ الكافرون بأنهم يساقون إلى النار بإهانة واستخفاف كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء. والورود: العطاشُ؛ لأنّ من يَردُ الماء لا يرده إلا لعطش وحقيقة الورد: المسير إلى الماء، قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهاية: الوفد هم القوم يجتمعون ويردون البلاد، واحدهم وافدٌ، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارةٍ استرفادٍ وانتجاع وغير ذلك تقول: وفد يفد فهو وافدٌ.
قال الراغب: وفد القوم تفد وفادةً، وهو وافدٌ، وهم وفدٌ ووفود، وهم: الذين يقدمون على الملوك مستنجزين الحوائج، ومنه الوافد من الإبل، وهو السابق لغيره، قال تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً).
قال القاضي: ولاختيار الرحمن في هذه السورة شأنٌ، ولعله أن ساق الكلام فيها لتعداد النعم الجسام، وشرح حال الشاكرين لها والكافرين بها، كأنه قيل: يوم نحشر المتقين إلى ربهم الذي غمرهم برحمته وشملهم برأفته.
وقلتُ: في التقابل بين "الوفد" و"الرحمن" وبين "الورد" و"جهنم" إعلامٌ بتبجيل الوافد وتحصيل مطالبه، وأنها من جلائل النعم وإعظامٌ بالوافد الذي الموفود إليه من اسمه الرحمن، وإشعارٌ بإهانة الوارد وتهكمٌ به، كقوله: عتابه السيفُ ومقومهم لهذمياتٌ. وكفى بالعطش الذي ورده النار التي هي أعظم النيران.