لأن مقامهم هو مكانهم ومسكنهم. والندىّ: المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم. والجند: هم الأنصار والأعوان.
(وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) [مريم: 76].
(يَزِيدُ): معطوف على موضع (فليمدد)؛ لأنه واقع موقع الخبر، تقديره: من كان في الضلالة مدّ أو يمدّ له الرحمن. ويزيد: أى يزيد في ضلال الضلال بخذلانه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن مقامهم هو مكانهم) تعليلٌ لمعلل مقدر، يعني: ذكرت أن هذه الآية مقابلة لتلك، وقد ذُكر هناك: (خَيْرٌ مَقَاماً) وفسرته بقولك: "أي الفريقين أوفر حظا من الدنيا"، والمذكور هنا (شَرٌّ مَكَاناً)، وذُكر هناك: (وَأَحْسَنُ نَدِيّاً)، والنديُّ: المجلس ومجتمع القوم، وهاهنا (وَأَضْعَفُ جُنداً) فأين التقابل؟ أجاب: وإنما كانا متقابلين، كذلك (جُنداً) مقابلٌ لقوله: (نَدِيّاً) لكن من حيث التصريح والكناية، فإن الجُند هم الأنصارُ والأعوانُ، والنديُّ: المجلسُ عُبرَ به عن وجوه الناس والأعوان، كما يُقال: المجلسُ العالي عزت أنصارُ دولته، فحصل التقابُل.
قوله: (مد أو يمُدُّ له الرحمن) هذا الاختلاف مبنيٌّ على اختلاف التفسيرين هناك، فإذا كان (فَلْيَمْدُدْ) بمعنى الأمر على تأويل الإخبار عن الماضي يُقدرُ "مدَّ" ويُعطفُ عليه: "يزيدُ"، وإذا كان بمعنى الدعاء يقدر "يمدُّ" مضارعاً ويعطفُ عليه "يزيد"، ومن ثم قدرهُ هناك بأن يمهله الله وينفس في مدة حياته، وفي قوله: "معطوفٌ على موضع (فَلْيَمْدُدْ) " بحثٌ؛ لأن المعطوف على جزاء الشرط ينبغي أن يصلح جزاءً له. ولو قُلتَ: من كان في الضلالة يزيدُ الله الذين اهتدوا هدى، لا يستقيم إذ لا عائد فيه ولا رابطة معنوية. قيل: