أو من الري الذي هو النعمة والترفه، من قولهم: رَيَّان من النَّعيم. و (رِياً)، على حذف الهمزة رأسا، ووجهه أن يخفف المقلوب -وهو «ريِئاً» - بحذف همزته وإلقاء حركتها على الياء الساكنة قبلها. و (زِيًّا)، واشتقاقه من الزىّ وهو الجمع: لأن الزىّ محاسن مجموعة، والمعنى: أحسن من هؤلاء.
(قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) [مريم: 75].
أى: مدّ له الرحمن، يعنى: أمهله وأملى له في العمر، فأخرج على لفظ الأمر إيذانا بوجوب ذلك، وأنه مفعول لا محالة، كالمأمور به الممتثل، لتقطع معاذير الضال، ويقال له يوم القيامة: (أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) [فاطر: 37]، أو كقوله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"زُويت لي الأرضُ"، أي: جُمعت، فأصلها: زويٌ، بكسر الزاي وسكون الواون فقلبت على ما مضىن وأدغمت في الياء.
قوله: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ) [فاطر: 37] أي: عمرناكم العمر الذي يتذكر فيه من يتصدى للتذكير. قال مجاهدٌ: هو العمرُ الذي أعذر الله إلى ابن آدم. روينا في "صحيح البخاري"، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعذر الله إلى امرئٍ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة".
النهاية: أعذر الله إلى امرئ، أي: لم يبق فيه موضعاً للاعتذار، حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر، يقال: أعذر الرجل: إذا بلغ أقصى الغاية في العُذر.
قوله: (أو كقوله) عطفٌ من حيثُ المعنى على قوله: "ليقطع معاذير الضال"، أي: أخرج على لفظ الأمر ليقطع معاذير الضال، كقوله: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) [فاطر: 37] أو ليكونن مبالغة في إرادة ازدياد الضلالة كقوله تعالى: (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً) [آل عمران: 178]، أي: ما نُملي لهم إلا لهذا.