من طوائف الغيّ والفساد أعصاهم فأعصاهم، وأعتاهم فأعتاهم. فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب. نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم. أو أراد بالذين هم أولى به صليا: المنتزعين كما هم، كأنه قال: ثم لنحن أعلم بتصلية هؤلاء، وهم أولى بالصُّلى من بين سائر الصالين، ودركاتُهم أسفل، وعذابهم أشدّ. ويجوز أن يريد بأشدّهم عتيا: رؤساء الشيع وأئمتهم، لتضاعف جرمهم بكونهم ضلالا ومضلين. قال الله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) [النحل: 88]، (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت: 13]. واختلف في إعراب (أَيُّهُمْ أَشَدُّ):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لغةً: الأتباع. الجوهري: شيعةُ الرجل: أتباعه وأنصاره، وكل قوم أمرهم واحدٌ يتبع بعضهم رأي بعضٍ فهم شيعٌ.

قوله: (ويجوز أن يريد بأشدهم عتيا: رؤساء الشيع)، يريد أن (أَيُّهُمْ أَشَدُّ)، يجوز أن يُحمل على الاستفهام، فيفيد العموم في الجنس باعتبار أفراده، فالمعنى: يمتازُ من كل طائفةٍ أعصاهم فأعصاهم، والمراد بـ (بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً): المنتزعون إما باعتبار الترتيب السابق، كما يقالُ: يقدم أولاهم للعذاب فأولاهم، أو باعتبار المجموع، كما قال: "المنتزعين كما هم"، فيكون قوله: "أو أراد بالذين" عطفاً على قوله: "فإذا اجتمعوا"، فوضع المُظهر موضع المضمر، وأن يُحمل على الموصولة، ويكون التعريفُ للعهد، والإشارة به إلى أشخاص معينين وهم الرؤساء.

قوله: (واختُلف في إعراب: (أَيُّهُمْ أَشَدُّ))، قال ابن الحاجب في "الأمالي": مذهبُ الخليل: أنه مرفوعٌ على الحكاية، أي: لننزعن الذي يُقال فيه: أيهم أشدُّ فعلى هذا (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) استفهاميةٌ، ولذلك قدر القول ليصح وقوع الاستفهام بعده. ومذهب سيبويه: أن (أَيُّهُمْ) مبنيٌّ على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلته، حتى لو جيء به لأعرب، فقيل: أيهم هو أشدُّ، فعلى هذا هي موصولةٌ بمعنى الذي منصوبٌ مفعول (لَنَنزِعَنَّ)، هذا هو الصحيح؛ لأنه يلزمُ من قول الخليل إما حذفُ أشياءَ كثيرةٍ، أو حذفُ الصلةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015