وعن احتباس الوحي عليك مدَّة، وشماتة المشركين بك. أى: لم يسم شيء بالله قط، وكانوا يقولون لأصنامهم: آلهة، والعزى إله. وأما الذي عوض فيه الألف واللام من الهمزة، فمخصوص به المعبود الحق غير مشارك فيه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: لا يسمى أحد الرحمن غيره. ووجه آخر: هل تعلم من سمى باسمه على الحق دون الباطل، لأن التسمية على الباطل في كونها غير معتدّ بها كلا تسمية. وقيل:
مثلا وشبيها، أى: إذا صح أن لا معبود يوجه إليه العباد العبادة إلا هو وحده، لم يكن بد من عبادته والاصطبار على مشاقها وتكاليفها.
(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أئِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) [مريم: 66 - 67].
يحتمل أن يراد بالإنسان الجنس بأسره، وأن يراد بعض الجنس وهم الكفرة. فإن قلت: لم جازت إرادة الأناسى كلهم، وكلهم غير قائلين ذلك؟ قلت: لما كانت هذه المقالة موجودة فيمن هو من جنسهم، صح إسناده إلى جميعهم، كما يقولون: بنو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الأغلوطات، والمراد بها هاهنا: ما سألته اليهود عن قصة الكهف وذي القرنين والروح.
قوله: (هل تعلم من سُمي باسمه على الحق؟ ) أي: يستحقُّ أن يسمى بـ"إله"؛ لأن الإله ينبغي أن يكون خالقاً رازقاً لعابده مُثيباً، وما سُمي من دونه بإلهٍ تسميته باطلة، كقوله تعالى: (إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) [النجم: 23].