غير واسطة أب؛ تسمية للسبب باسم السبب، كما سمى العشب بالسماء، والشحم بالندى ويحتمل إذا أريد بقول الحق عيسى، أن يكون الحق اسم الله عزّ وجل، وأن يكون بمعنى: الثبات والصدق، ويعضده قوله: (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) أى: أمرُه حقُّ يقينٌ وهم فيه شاكون (يَمْتَرُونَ) يشكون. والمرية: الشك. أو: يتمارون: يتلاحون، قالت اليهود: ساحرٌ كذاب، وقالت النصارى: ابن الله وثالث ثلاثة. وقرأ علي بن أبى طالب رضي الله عنه:
(تمترون)، على الخطاب. وعن أبىّ بن كعب: (قول الحق الذي كان الناس فيه يمترون).
(ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [مريم: 35].
كذب النصارى وبكتهم بالدلالة على انتفاء الولد عنه، وأنه مما لا يتأتى ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كما سمي العشب بالسماء)، قال:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
قوله: (والشحم بالندى)، قال ابن الأحمر:
كثور العداب الفرد يضربه الندى ... تعلى الندى في متنه وتحدرا
العداب: ما استدق من الرمل، والندى الأول: المطر، والثاني: الشحم.
قوله: (يتلاحقون) الجوهري: لاحيته ملاحاةً ولحاءً: إذا نازعته، وتلاحوا: إذا تنازعوا، وفي روايةٍ: يتلاحون من اللجاج.
قوله: (كذب النصارى وبكتهم)، اعلم أنه تعالى لما أشار بقوله: (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) إلى الموصوف السابق وجعله علماً في العبودية بتلك الإشارة، وأكد الكلام بقوله: (قَوْلَ الحَقِّ) - أي: ما ذكر من صفته قول الحق، أو: أقول قول الحق- وقلع الريبة من