عنهما أنه قال لبعض الخوارج في كلام جرى بينهما: بم حفظ الله الغلامين؟ قال: بصلاح أبيهما، قال: فأبى وجدي خير منه، فقال: قد أنبأنا الله أنكم قوم خصمون. (رَحْمَةً) مفعول له، أو مصدر منصوب بـ (أراد ربك)، لأنه في معنى: رحمهما، (وَما فَعَلْتُهُ) وما فعلت ما رأيت (عَنْ أَمْرِي) عن اجتهادي ورأيي، وإنما فعلته بأمر الله.

[(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً* إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً* فَأَتْبَعَ سَبَباً* حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً* قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً* وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً)].

ذو القرنين: هو الإسكندر الذي ملك الدنيا. قيل: ملكها مؤمنان: ذو القرنين،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النسيان، وقد يُجعلُ عبارة عن الصون وترك الابتذال.

قوله: ((عَنْ أَمْرِي): عن اجتهادي ورأيي، وإنما فعلته بأمر الله)، الأمر الأول: واحد الأمور، والثاني: واحد الأوامر. قال القاضي: ومبنى ذلك على أنه متى تعارض ضرران يجب أن يُحمل أهونهما لدفع أعظمهما، وهو أصلٌ ممهدٌ، غير أن الشرائع في تفاصيله مختلفة.

ومن فوائد هذه القصة: أن لا يُعجب المرء بعلمه، ولا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه، فلعل فيه سراً لا يعرفه، وأن يداوم على التعلم، ويتذلل للمعلم، ويراعي الأدب في المقال، وأن ينبه المجرم، ويعفو عنه حتى يتحقق إصراره، ثم يهاجر عنه.

قوله: (ذو القرنين هو الإسكندر)، قد مر عن الإمام أن في جعل إسكندر ذا القرنين إشكالاً قوياً، وهو أنه كان تلميذاً لأرسطاطاليس، فكان على مذهبه، فتعظيم الله إياه يوجب الحكم بأن مذهب أرسطاطاليس حقٌّ، وذلك مما لا سبيل إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015