لم تبلغ الحنث (بِغَيْرِ نَفْسٍ) يعني: لم تقتل نفسا فيقتص منها. وعن ابن عباس أن نجدة الحروري كتب إليه: كيف جاز قتله، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان؟ فكتب إليه: إن علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل (نُكْراً) وقرئ بضمتين وهو المنكر وقيل النكر أقل من الإمر؛ لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة. وقيل: معناه جئت شيئا أنكر من الأوّل، لأن ذلك كان خرقاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولعله اختار الأول لذلك، فإنها كانت صغيرة لم تبلغ الحلم، أو أنه لم يرها أذنبت ذنباً يقتضي قتلها، أو قتلت نفساً فتقاد بها.
قوله: (لم تبلغ الحنث). النهاية: أي: لم تبلغ مبلغ الرجال ولم يجر عليه القلم فيكتب عليه الحنث.
قوله: (أن نجدة الحروري)، النهاية: الحرورية: طائفة من الخوارج نُسبوا إلى حروراء، بالمد والقصر، وهو موضع قريب من الكوفة، كان أول مجمعهم وتحكيمهم فيها، وهم إحدى فرق الخوارج الذين قاتلهم عليٌّ رضي الله عنه، وكان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروفٌ.
قوله: ((نُكْراً)، وقرئ بضمتين): نافع وابن ذكوان في الموضعين، والباقون: بإسكانها.
قوله: (لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة). قال الإمام: النكر: ما أنكرته القول ونفرت عنه النفوس، وهو أبلغ في تقبيح الشيء من الإمر، وقيل: بالعكس؛ لأن الأمر هو الداهية العظيمة المآل.
الراغب: النُكرُ: الدهاءُ والأمر الصعب الذي لا يُعرف.