بالنبي في أخذ العلم من نبيّ مثله: وإنما بغض منه أن يأخذه ممن دونه. وعن سعيد بن جبير أنه قال لابن عباس: إنّ نوفا ابن امرأة كعب يزعم أنّ الخضر ليس بصاحب موسى، وأنّ موسى هو موسى بن ميشا، فقال: كذب عدوّ الله.
[(قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)].
نفي استطاعة الصبر معه على وجه التأكيد، كأنها مما لا يصح ولا يستقيم، وعلل ذلك بأنه يتولى أمورًا هي في ظاهرها مناكير. والرجل الصالح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرطاً في أبواب الدين، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أرسل إليه فيما بُعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقاً، ويؤيده قوله تعالى حكاية عن الهدهد مخاطباً سليمان عليه السلام: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) [النمل: 22].
الراغب: العلمُ: إدراك الشيء بحقيقته، وذلك ضربان: إدراك ذات الشيء، والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجودٌ له، أو نفي شيء منفي عنه. فالأول متعد إلى واحد كقوله تعالى: (لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال: 60]، وأعلمته وعلمته - في الأصل - واحدٌ، إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع، والتعليم بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثرٌ في نفس المتعلم.
قوله: (وعلل ذلك بأنه يتولى أموراً)، أي: أكد نفي استطاعته بقوله: (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً)، وهو علة لمنعه من اتباعه، فإن موسى عليه السلام قال: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ)، كأنه قال: لا؛ لأنك (لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً)، ثم علل العلة بقوله: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)، أي: كيف تصبرُ على شيء هو في الظاهر منكرٌ مفسدةٌ وفي الحقيقة مصلحة وصلاح، ويحتاج في معرفته إلى دقة نظر وفضل خبرة مستفادة منالعلم اللدني.
قوله: (والرجل الصالح): مبتدأ، وقوله: "لا يتمالك": الخبر، وقوله: "فكيف إذا كان