لأنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: قد أوتينا التوراة وفيها الحكمة، وقد تلوت (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)] البقرة: 269 [فقيل لهم: إن علم التوراة قليل في جنب علم الله.
[(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً* إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً)].
(لَنَذْهَبَنَّ): جواب قسم محذوف مع نيابته عن جزاء الشرط. واللام الداخلة على إن موطئة للقسم. والمعنى: إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه عن الصدور والمصاحف فلم نترك له أثرا وبقيت كما كنت لا تدرى ما الكتاب (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ) بعد الذهاب (بِهِ) من يتوكل علينا باسترداده وإعادته محفوظا مستوراً (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) إلا أن يرحمك ربك فيرده عليك، كأن رحمته تتوكل عليه بالرد، أو يكون على الاستثناء المنقطع بمعنى: ولكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به، وهذا امتنان من الله تعالى ببقاء القرآن محفوظا بعد المنة العظيمة في تنزيله وتحفيظه، فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن هاتين المنتين والقيام بشكرهما، وهما منة الله عليه بحفظ العلم ورسوخه في صدره، ومنته عليه في بقاء المحفوظ. وعن ابن مسعود: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة، وليصلين قوم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من يتوكل علينا باسترداده)، أي: يصير وكيلاً علينا. والتوكل والموكل بمعنى.
قوله: (ولكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به) يريد أن الاستثناء منقطع والمستدرك قوله: (وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ)، وعلى الأول الاستثناء متصل، والمستثني منه: (وَكِيلاً). وقال أبو البقاء: (إِلاَّ رَحْمَةً): مفعول له، أي: حفظناه عليك للرحمة، ويجوز أن يكون مصدراً، أي: لكن رحمناك رحمة.