يوليه عرض وجهه. والنأي بالجانب: أن يلوى عنه عطفه ويوليه ظهره، وأراد الاستكبار، لأنّ ذلك من عادة المستكبرين (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) من فقر أو مرض أو نازلة من النوازل (كانَ يَؤُساً) شديد اليأس من روح الله (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)] يوسف: 87 [. وقرئ: وناء بجانبه، بتقديم اللام على العين، كقولهم «راء» في «رأى» ويجوز أن يكون من «ناء» بمعنى «نهض» (قُلْ) كُلٌّ أحد (يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) أى على مذهبه وطريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو أراد الاستكبار)، يريد: قوله: (وَنَأَى بِجَانِبِهِ) إما أن يكون كناية عن الإعراض؛ لأن من يلوي عن الشيء عطفه ويولي ظهره فقد حاول الإعراض عنه، فيكون تأكيداً لمعنى (أَعْرَضَ) ودخلت الواو بين المؤكَّدِ والمؤكّد، وإما أن يكون كناية عن الاستكبار؛ لأن ذلك من عادة المتكبرين، فيكون تكميلاً لكون مفهومه غير مفهوم الإعراض، فقد جمعوا بين الهيئتين.
قوله: (وقرئ: "وناء بجانبه")، قرأها ابن ذكوان.
الراغب: ناء بجانبه ينوء ويناءُ، أي: ينهض، قال تعالى: (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) [القصص: 76]، ويقال: ناء بجانبه ينأى نأياً، مثل: نعى: أعرض. قال أبو عبيدة: تباعد، وقرئ: "وفاء بجانبه"، أي: تباعد، ومنه: النؤيُ؛ لحفيرة حول الخباء تُباعد الماء عنه. وقيل: نأي بجانبه مل نعين أي: نهض بهن عبارة عن التكبر كقولك شمخ بأنفه وازور بجانبه، وانتأى: افتعل، منه، والمنتأى: الموضع البعيد.
قوله: (وطريقته التي تُشاكلث حاله في الهدى والضلالة)، إشارة إلى اتصال هذه الآية بقوله: (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً).
الراغب: على شاكلته، أي: سجيته التي قيدته، من شكلت الدابة، وذلك أن سلطان