عليه، ولما فيها من المواعظ المكررة، ويكون القرآن بعضها. فإن قلت: كيف صح عطف القرآن العظيم على السبع، وهل هو إلا عطف الشيء على نفسه؟ قلت: إذا عنى بالسبع للفاتحة أو الطوال، فما وراءهنّ ينطلق عليه اسم القرآن، لأنه اسم يقع على البعض كما يقع على الكل. ألا ترى إلى قوله (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) [يوسف: 3] يعنى سورة يوسف؟ وإذا عنيت الأسباع فالمعنى: ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم، أي: الجامع لهذين النعتين، وهو الثناء- أو التثنية- والعظم.
[(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ)]
أي: لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه متمنّ له (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ): أصنافاً من الكفار. فإن قلت: كيف وصل هذا بما قبله؟ قلت: يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن القرآن في نفسه أسباع، قال الزجاج: دخلت "مِن" للتبعيض، أي: ولقد آتيناك سبع آيات من جملة الآيات التي يُثنى بها على الله تعالى، وآتيناك القرآن العظيم، ويجوز أن تكون السبع هي المثاني، وأن تكون "مِن" للصفة، كقوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ) [الحج: 30] أي: فاجتنبوا الأوثان.
قوله: (ولقد آتيناك ما يُقال له: السبع المثاني والقرآن العظيم)، وهو كقوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً) [الأنبياء: 48] أي: كتاباً جامعاً بين هذين الوصفين.
قوله: (أصناف من الكفار) تفسير لقوله: (أَزْوَاجاً مِنْهُمْ). الراغب: الزوج يقال لكل من القرينين، من الذكر والأنثى، كالحيوانات المتزاوجة، وفي غيرها كالخف والنعل، ولكل ما يُقرن بآخر مماثلاً له أو مضاداً، قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) [الصافات: 22].